قصة الفلاح و القدر
قصة رمزية لفلاح بسيط يواجه تقلبات الحياة بين الخير والشر، تكشف كيف يمكن لحكمة واحدة أن تغيّر نظرتنا لكل ما يحدث.
في قريةٍ صغيرةٍ بعيدة، عاش فلاح بسيط لا يملك من متاع الدنيا سوى حصان واحد، يعينه على حراثة الأرض والقيام بشؤون الحقول.
وذات يوم، هرب الحصان واختفى بين الجبال. اجتمع أهل القرية حول الفلاح وقالوا بأسى:
ــ يا للمسكين! لقد فقدت حصانك الوحيد، فكيف ستعمل أرضك الآن؟
ابتسم الفلاح بهدوء وأجاب:
ــ من يدري؟ قد يكون خيرًا، وقد يكون شرًا.
ومضت أيام قليلة، فإذا بالحصان يعود ومعه قطيع من الخيول البرية. ابتهج أهل القرية وصاحوا بفرح:
ــ يا للحظ العظيم! لقد عاد حصانك وجلب معه خيولًا كثيرة!
لكن الفلاح أجاب بنفس السكينة:
ــ من يدري؟ قد يكون خيرًا، وقد يكون شرًا.
وفي محاولةٍ لترويض أحد تلك الخيول البرية، سقط ابن الفلاح فانكسرت ساقه. أقبل الجيران متأثرين وقالوا:
ــ يا للمصيبة! لقد أصيب ابنك ولم يعد قادرًا على مساعدتك.
فأجاب الفلاح بهدوء:
ــ من يدري؟ قد يكون خيرًا، وقد يكون شرًا.
وبعد فترة قصيرة، جاء جنود الملك ليأخذوا شباب القرية إلى الحرب. لكنهم تركوا ابن الفلاح بسبب إصابته. فقال الناس له بدهشة:
ــ يا لك من محظوظ! لقد نجا ابنك من الحرب.
فأجاب الفلاح كعادته:
ــ من يدري؟ قد يكون خيرًا، وقد يكون شرًا.
تحمل هذه الحكاية معنى عميقًا: فما نراه اليوم شرًا قد يخفي في طياته خيرًا، وما نعتبره خسارة قد يكون بابًا إلى فرصة جديدة، وما يبدو نجاحًا قد يتحول إلى ابتلاء أو مسؤولية أثقل.
في حياتنا اليومية نسمع عن خسارة وظيفة، أو فشل مشروع، أو تعثر تجارة… وفي لحظتها نشعر أنها كارثة، لكن بعد سنوات نكتشف أنها كانت بداية لطريق أفضل. وعلى الجانب الآخر، قد يكون النجاح السريع أو المكاسب المفاجئة سببًا في مشاكل أو اختبارات أكبر مما نتصور.
المستقبل وحده يكشف لنا الحكمة الكاملة، لذلك علينا أن نعيش بتوازن، فلا نفرح فرحًا مفرطًا، ولا نحزن حزنًا شديدًا، بل نترك للحياة أن تكشف أسرارها مع مرور الوقت.
كما قال الله تعالى:
{وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ} [البقرة: 216]
وهذا كله خير للمؤمن، كما قال رسول الله ﷺ:
«عجبًا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له».
0 تعليقات